تعتبر عملية حماية المنشآت ومعالجتها من صدأ حديد التسليح خاصة من أولى أولويات الدراسات المدنية الخاصة بالمنشآت الخرسانية ، فإغفالها وإهمالها يسبب الخسائر المادية والبشرية وزيادة مستمرة في تكاليف إنشاء وتشغيل تلك المنشآت ...وخصوصا في المناطق ذات العوامل والظروف القاسية وغير الملائمة ؟،حيث تؤثر الظروف البيئية السائدة في المدن الساحلية على متانة المواد الإنشائية المستخدمة في المباني الخرسانية إذا لم تتوفر الحماية اللازمة لها من التآكل ،ان العمر الافتراضي للمباني السكنية الخرسانية لا يقل عن خمسين عاما- كحد أدنى - وفقا للمعايير الدولية للتصميم المنشآت الخرسانية . ويجب أن تقاوم هذه المباني خلال هذه الفترة جميع العوامل الطبيعية والتشغيلية التي تؤثر على جودة ومتانة المنشأة (مكوناتها الإنشائية ) دون الحاجة الى إصلاحات رئيسية ( طبعا مع الالتزام بتنفيذ أعمال الصيانة الدورية والوقائية اللازمة لها ). إن أكثر البيئات تأثيرا على عمر المنشآة الخرسانية المسلحة هي البيئة البحرية بشكل عام من خلال عدة عوامل أهمها ... 1- درجة الحراره ونسبة الرطوبة في الجو. 2- درجة احتواء الغبار والرطوبة على الأملاح الضارة. 3- درجة تركيز الأملاح الضارة في التربة. وهذه العوامل تحدث تفاعلاً كيميائياً مع الخرسانة العادية أو المسلحة مما يؤدي إلى تحليل المكونات الرئيسية للخرسانة ، وتآكلها مع التأثير السلبي على أسياخ الحديد الأمر الذي يؤدي الى تأكسدها ومن ثم تآكل الحديد وتكون طبقة من الصدأ تعمل على تشقق الخرسانة.
*صدأ الحديد :- يتكون الصدأ بوجه عام نتيجة تعرض الحديد للهواء والماء , يبدأ صدأ حديد التسليح في التكون من نقرة صغيره ( Pit Formation ) في السيخ ثم تزداد هذه النقر ويحدث اتحاد بينها مما يكون الصدأ العام .والخرسانة بطبيعتها مادة مسامية تحوي رطوبة ولذلك من الطبيعي حدوث صدأ للحديد بداخلها . ومن الأسباب غير المباشرة لتكون الصدأ البكتيريا الموجودة بالتربة ، والتي تقوم بتحويل الأملاح والأحماض إلي حمض الكبريتيك الذي يهاجم الحديد ويسبب عملية الصدأ .حيث تتآكل الخرسانة نتيجة للتفاعل الكيميائي الذي يحدث بين الكبريت الذائب (Soluble Sulphates) مع الأسمنت مما يؤدي إلى ضعف متانتها وبالتالي إلى تصدعها وتفتت أجزائها . كما انه من المعلوم ان قلوية الخرسانة تعمل على وضع طبقة حول حديد التسليح تقوم بحماية الحديد من الصدأ بتكون طبقة قلوية كثيفة تمنع حدوث الصدأ ( طبقة حماية تحمل أيونات سالبه ). ويحدث الصدأ نتيجة تكسير طبقة الحماية التي تحول دون وصول أملاح الكلورايد والأملاح الضارة على الخرسانة الى حديد التسليح وتدخل هذه الأملاح الى جسم الخرسانة عن طريق عوامل خارجية مثل ... _التربة المحيطة بالخرسانة . _الرياح المحملة بغبار يحتوي على الأملاح. _رذاذ المياه المشبع بالأملاح في المباني القريبة من البحر أو المواد التي تدخل في الخلطة الخرسانية مثل الرمل والحصى والمياه التي تحتوي على نسبة عالية من الأملاح.
عمليا هناك عدة عوامل تؤدي الى فقد هذه الطبقة تتمثل في... 1- الكربنة Carbonation : من الجو المحيط بالخرسانة . 2- مهاجمة الكلورايدات للخرسانة (من التربة المحيطة بالخرسانة والمواد المستخدمة بالخلطة الخرسانية وعدم استخدام المياه المناسبة للخلط) .
كما أن دخول الأملاح الأخرى إلى مسامات الخرسانة وتبلورها بداخلها يتسبب في تفكك الأجزاء الخارجية للخرسانة تدريجيا" وتظهر هذه المشكلة في الخرسانة الموجودة بالقرب من المياه المالحه والرمال المشبعة بالأملاح . وتتفاوت درجة تاثير تلك العوامل على الخرسانة بتفاوت نفاذية الخرسانة حيث أنه كلما زادت النفاذية زاد تاثير العوامل السابقة .ويرتبط معدل الصدأ بعوامل كثيرة ، وتعتبر الرطوبة ودرجة الحرارة عوامل رئيسيه ومؤثرة بدرجة كبيره جدا في معدلات الصدأ ولذلك يجب التحكم في تلك العوامل للحيلولة دون الوصول الى مشكلة فنية واقتصادية علي المنشأت الخرسانية ..
حماية المنشأت الخرسانية المسلحة من التآكل بفعل الصدأ
الوقاية خير من العلاج وإذا تم الحفاظ علي المنشأت الخرسانية من التعرض للصدأ يكون ذلك اكثر واقعية وحفاظا علي الثروة الوطنية .حيث يتم تفادي صدأ حديد التسليح في الخرسانة بالتقيد بمواصفات التصميم والتنفيذ وبإتباع الكودات المختلفة الخاصة بتصميم القطاعات الخرسانية والتي تعمل علي تقليل احتمالات حدوث الصدأ في حديد التسليح .ومن العوامل المهمة في حماية المباني الخرسانية من صدأ حديد التسليح طريقة استخدام الخرسانة وتحديد محتوي الإسمنت والاهتمام بالمعالجات الخرسانية أثناء التنفيذ .
وهناك طرق مختلفة لحماية حديد التسليح من الصدأ من أهمها ... 1. الحماية الكاثودية تعتبر في الوقت الحالي أفضل طرق الحماية للمنشأت الخرسانية للمناطق الساحلية وخصوصاً منشأت مياه البحر لتبريد المصانع ، لكنها مكلفة نسبياً.
2. إضافة بعض المواد الى الإسمنت لتقليل نفاذيته قد تكون هذه العملية اقل تكلفة من الحماية الكاثودية ولكن عمر حمايتها اقل بكثير من الحماية الكاثودية.
3. موانع الصدأ وهي نوعين يعتمد النوع الأول علي حماية الطبقة القلويه حول حديد التسليح ويعتمد النوع الآخر علي منع توغل الأكسجين داخل الخرسانة .
4. استخدام الحديد المجلفن Galvanized Bar ويعتبر الحديد المجلفن ذو كفاءه مناسبة خصوصا للمباني التي تتعرض للكربنه .
5. دهان حديد التسليح بـ ( الابوكسي ) هذه الطريقة أعطت نتائج إيجابية وخاصة لحديد التسليح المعرض لمياه البحر ، لكن ينصح بعدم طلاء حديد التسليح بـ ( الإبوكسي ) لأنه في حالة حدوث الصدأ لا يمكن حمايته بالحماية الكاثودية ولانه في حالة حصول قصور في الطلاء فسيسرع عملية الصدأ في حالة وصول الكلورايد إليه.
4. حديد ستنلس ستيل Stainless Steel نظرا لارتفاع تكاليف هذا النوع من الحديد فإن استخدامه يتم في نطاق محدود .
5. حماية أسطح الخرسانة من النفاذيه وذلك إما باستخدام مادة سائله يتم رشها أو دهانها أو ألواح وطبقات من المطاط أو البلاستيك .
الصيانة والكشف الدوري
ونظرا" للوجود المستمر للعوامل السلبية التي تهدد الخرسانة المسلحة وتهدد السلامة العامة للمنشأت يجب المحافظة على الوجود المستمر لنظام الكشف الدوري لأسطح الخرسانة المسلحة وفي حالة ملاحظة تصدعات أو آثار تدهور بسبب تآكل حديد التسليح ينصح بإجراء عمليات الصيانة والإصلاح المباشر لتفادي استمرار تدهور الخرسانة وتشمل طرق الإصلاح ... 1- إزالة أجزاء الخرسانة المتضررة إلى ما وراء حديد التسليح بعمق 25مم وتنظيف حديد التسليح جيداً من الصدأ الموجود على سطحه. 2- طلاء الحديد بمواد خاصة لهذا الغرض كالإيبوكسي المشبع بالزنك. 3- القيام بتجهيز المواد الأسمنتية البديلة ووضعها مكان الخرسانة المزالة وذلك حسب المواصفات وإرشادات الجهه المصنعه لهذه المواد . 4- يفضل أن تطلى أسطح الخرسانات بعد الأنتهاء من إصلاحها بمواد عازلة وذلك لتحسين أدائها المستقبلي. 5- استخدام دهانات مقاومة للعوامل الجوية في المناطق الساحلية.
وفي حال التصدعات كبيرة فإن عمليات الإصلاح تستدعي وجود أخصائيين في هذا المجال لتقويم مدى تأثير هذه الأجزاء الخرسانية المتضررة على سلامة المبنى واختيار المواد وإعداد طرق الإصلاح وفي كل الحالات يجب الحرص على اتباع إرشادات الجهات المصنعة لمواد عمليات الأصلاح .
مراحل الصيانة والحفاظ على المنشأت الخرسانية
إن اختيار المواد وأسلوب العمل يجب أن يكون معتمداً على دراسات دقيقة، و موثوق منها من خلال المختبرات المتخصصة، وذلك لتقييم مدى فعاليتها ومدى ضررها في بعض الأحيان ، ويمكن اعتبار التدرج الطبيعي لأعمال الحفاظ ، ولكنه لا يعني ضرورة الالتزام به في كل الأحيان على النحو التالي...
1- التنظيف حيث إزالة الأملاح والمواد الضارة من على سطح المبنى وهذا يقتصر على إزالة الأجسام الغريبة مع الحفاظ على كل الخصائص الأصلية للسطح المراد تنظيفه . يمكن أن تسبب أعمال التنظيف مشاكل فنية يجب التعامل معها بحذر شديد لتجنب أي تلف أوضرر ، وتحافظ على تواصل طبيعة السطح، فمثلاً في حالة وجود تشققات على السطح فإنه من خلال التنظيف يمكن أن تتسرب ا لمياه وما يتبعها من الغبار والأجسام الضارة إلى داخل هذه التشققات. وقد تعددت طرق التنظيف المسموح بها كاستخدام الماء بالرش ، الكمادات المائية، المحاليل المخبرية ،اللدائن، استخدام الليزر ، وهنالك أيضا العديد من الطرق الميكانيكية في حال السطوح المتماسكة ،...... الخ .
2- اللصق وهو إعادة تركيب جزء أو أجزاء سقطت من السطح المراد ترميمه باستخدام مواد لاصقة أو معدنية تربط بين الجزء المضاف والسطح .والمواد اللاصقة لا بد أن تحتفظ بالمعايير الآتية... - فعالية جيدة في اللصق . - مقاومه مع الزمن . - تقلص ضئيل في كثافة المادة . - مرونة وصلابة حسب الوضع الخاص . - الخصائص الميكانيكية يجب أن تتشابه لحد كبير مع السطح المراد لصقه . - استخدام قضبان معدنية لربط المواد على أن يكون معامل التمدد لها يتشابه مع المواد المراد لصقها وتتسم بثبات كيميائي جيد . -يجب الحذر من استخدام قضبان معدنية قابلة للصدأ مثل الحديد والنحاس.
3- المعجنة وهي تعبئة الفراغات والتشققات وإغلاقها للوصول والتجانس النوعي للمادة وضمان استمرارية المواد وحمايتها من التعرض للمياه أو العوامل الطبيعية الأخرى التي تساعد في تآكلها وتلفها . ويجب اختيار نوعية المعجنة المناسبة لكل حالة بحيث يكون الناتج النهائي قريب من السطح المراد معجنته وخاصة فيما يتعلق بالمسامات والقدرة على امتصاص الماءوالمقاومة الميكانيكية ، مقاومة الضوء والتمددات الحرارية ، بخلاف ذلك يجب أن تكون متشابه من ناحية بصرية.
4- التثبيت والتقوية وهي استخدام مادة لزجة أو محاليل تعمل لدى وضعها على السطح على تقوية الترابط بين جزيئات المادة التي تعرضت لتفكك أو تلف بسبب عوامل الزمن أو أي أسباب أخرى. وتتم عملية إزالة الأملاح قبل البدء في أعمال التقوية ، ثم تبدأ أعمال التقوية تكون على مراحل في جو معتدل، حيث أن سرعة تطاير المذيبات العضوية سوف تتسبب في تغير نسبة المحاليل كما أنها تؤدي إلى تراكم مواد التقوية على سطح المبنى ؛ ويجب البدء بمحاليل مخففة وبعد جفافها تستخدم محاليل أكثر تركيزاً وهكذا تتم عملية التقوية .
5- الحماية وتتم أعمال الحماية من خلال استعمال مواد كيميائية وغير كيميائية تهدف إلى تبطيئ عملية التلف التي تتعرض لها المادة . ويفضل أسلوب الحماية باستخدام المواد الكيماوية في الحالات التي يكون التلف مؤثر بشكل دقيق على السطح الخارجي بينما لاينصح باستعمال هذه الطريقة في حالة كون المادة قادرة على امتصاص الماء من خلال الخاصية الشعرية من الأرض وفي حالة وجود تسرب مياه في مناطق يصعب الوصول إليها .
6- الترميم ويعني استكمال الأجزاء والعناصر المفقودة . ويجب تحديد نسبة صلابة الحجر المراد ترميمه بالنسبة لصلابة المواد المستخدمة في الترميم عند الجفاف ؛ حيث تملأ الفجوات والشقوق إلى مستوى أقل من مستوى سطح استخدام اللدائن الصناعية القوية مثل الايبوكسي أو الأرالديت أو البولي أو الماريكوريزن .
' أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ '
|